جمال عبد الناصر يكتب: الفنان والشيخ وتأثير الفن

حالفني الحظ أني “ألحق” الفنان الكبير كمال الشناوي وألتقى به بعد فيلمه “ظاظا” مع الفنان هاني رمزي والذي أعتقد أنه آخر أفلامه، فقد هاتفته من أجل حوار لجريدة المصري اليوم التي كنت أعمل بها عام 2006، فقال لي: منتظرك غدًا الساعة العاشرة صباحًا في منزلي بالدقي.

ذهبت للأستاذ كمال الشناوي ولكنه كان قد اشترط علي عدم التصوير وعدم اصطحاب مصور معي وأكد لي أن لديه ما يكفيني من الصور الشخصية ومن أعماله.. وافقت طبعًا وتوجهت لمنزله وأجريت معه حوارًا مطولاً عن فيلمه “ظاظا” وعن مشواره.

داخل هذا الحوار تذكرت موقف حكاه الفنان كمال الشناوي جمعه بالشيخ أحمد حسن الباقوري الذي كان من علماء الأزهر ووزيرًا للأوقاف في عهد في عهد الثورة وفي الجمهورية العربية المتحدة.. الموقف يؤكد قيمة وتأثير وأهمية الفن، وهو موضوع هذا المقال بعد تلك المقدمة.

تأملوا معي هذا الحوار:

الشيخ الباقوري قال للفنان كمال الشناوي: أنت مؤثر في حياة الناس أكثر مني، فقال له الشناوي: كيف يا شيخنا ؟قال الباقوري: يا كمال، عمل فنى واحد يقدر يغير اللى متعملوش ألف خطبة لواعظ ، فللفن أثره عظيم فى حياة الناس.

صدق الشيخ الباقوري وكلامه صحيح بنسبة 100%، فمسلسل أو مسرحية أو أغنية لديهم القدرة علي التأثير سلبًا أو إيجابًا في أجيال وأجيال، وهذا ما حدث في مسرحية “مدرسة المشاغبين” التي كان لها تأثير سلبي على التعليم في مصر وعلي صورة المعلم، ولكن هناك من الأعمال الأخرى التي أثرت إيجابيًا، فالفن يجعل الأنسان أكثر إنسانية، كما يزيد من التفاعل الاجتماعي، ويجعله أكثر ثقة ويمنح إحساس بالحرية والسيطرة.

وللفن تأثير كبير علي الفرد داخل مجتمعه فيمكن تعزيز الشعور بالانتماء القوي إلى المجتمع من خلال الفن، بحيث يمكنه سد الفجوة بين الثقافات المتباينة، فالفن جزء مهم للغاية من الثقافة وينبغي تشجيع كل أنواع الأعمال الفنية بشدة.

تم التأكيد مؤخرًا على أن الصحة العقلية والروحية وكذلك الجسدية تتحسن حينما يقوم الشخص بتطوير ما لديه من فنون، فمن خلال القيام بالمزيد من الفن يُمكن أن تؤثر على النفس في تقوية جهاز المناعة، وتطوير الذكاء العاطفي، والحد من العقلية الاستهلاكية، وخلق بيئة مريحة وتهدئة العقل، وتقديم وتطوير الرفاهية الجسدية، وتوليد ممارسة اليقظة الذهنية القوية، والتأثير الإيجابي على الصحة مع التقدم في السن، والمساعدة في التخلص من الخوف، الضغوطات والعواطف، والتقليل وعلاج بعض المشاكل مثل الاكتئاب، القلق واضطراب ما بعد الصدمة.